جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

د.محمد صالح يكتب   2023-05-30T16:41:51+02:00

مستقبل مصر .. والبصمة المائية

د.محمد أحمد صالح

 

 

 

 

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن حوالي أكثر من مليار شخص في العالم لديهم نقص في مياه الشرب، و أن قلة المياه ستنعكس سلبا على نصف سكان الأرض في غضون الثلاثة عقود المقبلة إذا لم يتم تدارك الأمر.

 كما أن نقص المياه يتضمن عدم كفاية المياه الصالحة للشرب، وعدم كفاية خدمات الصرف الصحي، ونضوب المياه الجوفية وتوافر المياه للزراعة؛ يؤدي إلى تناقص كبير في المحاصيل والسلع الزراعية  ،  إضافة إلى موجات الجفاف المتتابعة التي ستؤثر حتما على توافر الغذاء على سطح الكرة الأرضية.

 وحسب تقارير الأمم المتحدة  فإن الزيادة المطردة للسكان في العالم التي قد تتجاوز 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050م، نصفهم في تسع دول من ضمنها الدول العربية، وعلى هذا الأساس من المتوقع أن ترتفع الحاجة العالمية للمياه بمعدل 30%، والغذاء بمعدل 50% والطاقة بمعدل 40%. ومن هذا تتضح  أهم التحديات التي تؤثر على البيئة في العلاقة الجوهرية التي تربط بين المياه والطاقة، وحاجة كل منهما لإنتاج الآخر وغالبا ما يطلق عليها: "ارتباط الغذاء والمياه والطاقة".

من هنا تأتى ضرورة الإهتمام بما يسميه العلماء والمتخصصون بقضية  " البصمة المائية " التى تعد أداة تحليلية مستحدثة لبناء فهم شامل للأمن المائي والغذائي على الصعيدين المحلي والدولي، التي يمكن أن تساعد صناع القرار في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة التوقعات الحالية والمحتملة للطلب على المياه والغذاء لشعوبهم .

ويمكن تعريف البصمة المائية للفرد أو المجتمع أو الشركات ، أنها الحجم الكلي للمياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها الفرد أو المجتمع أو الشركة. ويقاس استخدام المياه بحجم المياه المستهلكة أو الملوثة لكل وحدة زمنية.

ولمعرفة المزيد من المعلومات والحقائق عن " البصمة المائية " ، نتوقف أمام أبرز ما كشفته دراسة قيمة أعدها د. أسامة سلام بعنوان  : " البصمة المائية المصرية .. مؤشر أمن الماء والغذاء "

 

 

 

 

الدراسة أشارت إلى ما كشفته  الأمم المتحدة  فى تقاريرها الرسمية ، أنه إذا ما استمر معدل الاستهلاك والإنتاج على هذا النحو وخصوصا مع الاحصائيات التي تتوقع ارتفاع عدد سكان العالم إلى 9.6 مليار نسمة مع حلول عام 2050، سنحتاج إلى ثلاثة كواكب للحفاظ على نمط الاستهلاك الحالي. ومع حلول عام 2030، ومن المتوقع أن ترتفع حاجة العالم للمياه بمعدل 30% وللطاقة 40% وللغذاء 50%. ولهذا يكمن أحد أهم التحديات التي تؤثر على البيئة في العلاقة الجوهرية التي تربط بين المياه والطاقة، وحاجة كل منهما لإنتاج الآخر وغالبا ما يطلق عليها “ارتباط الغذاء والمياه والطاقة”.

وعند حساب البَصمة المائية لمصر سوف نعتمد منهجية حساب شبكة البَصمة المائية العالمية، والتي تحتوي على المعيار العالمي لتقييم البَصمةالمائية, وسوف يغطي هذا الجزء بشيء من التفصيل حساب البَصمة المائية للفرد في مصر حسب المصدر والنوع وكذلك البَصمة المائية للمحاصيل والسلع, وأيضا البَصمة المائية للاستهلاك الوطني والبَصمة الكلية لمصر.

 وفيما يتعلق بالبَصمة المائية للسلع والمحاصيل بمصر ، تبين أن أعلى البصمات المائية على الإطلاق هي لمحاصيل الزيوت وللحوم البقر حيث تبلغ البَصمة المائية لطن من لحم البقر حوالي 18419 متر مكعب من المياه, وتبلغ البَصمة المائية لزيت السمسم حوالي 15932 متر مكعب من المياه لكل طن من زيت السمسم, وأيضا يمكن ملاحظة أن الخضروات والفواكه والحمضيات تعتبر من أقل المحاصيل من حيث البَصمة المائية حيث تبلغ البَصمة المائية للخضروات حوالي 359 متر مكعب من المياه لكل طن .

وهنا نشير إلى ما ذكرناه فى المقال السابق ،  أن البصمة المائية لإنتاج الدواجن لها تأثير أقل على الموارد المائية من تأثير المشروعات الخاصة بالحيوانات الأخرى. وأوضحت الدراسات أن 90% من المياه المطلوبة لإنتاج المنتجات الحيوانية تذهب لإنتاج العلف المطلوب لهذه الحيوانات.

حيث نجد أن إنتاج كيلو واحد من لحم الدواجن يتطلب 1.7 كيلو جرام من الإعلاف مقابل 17 كيلو من الأعلاف لإنتاج واحد كيلو من اللحوم الحمراء  أى أن إنتاج اللحوم الحمراء يتطلب 10 أضعاف الأعلاف المطلوبة لإنتاج الدواجن .

   

والبصمة المائية هي أداة هامة لحساب الاستهلاك الحقيقي للمياه العذبة حيث إجمالي الاستهلاك المحلي يساوي استهلاك المياه المحلية, مضافا إليها إجمالي المياه المستوردة من خلال واردات السلع والمُنتجات والمحاصيل, وكمثال لتوضيح كيفية تخطيط سياسات المياه باستخدام مفهوم البصمة المائية, فإتباع نظام غذائي يعتمد على اللحوم والزيوت يعني بصمة مياه أكبر بالمقارنة بالاعتماد على نظام غذائي نباتي. حيث البَصمة المائية اليومية للفرد الذي يعتمد على اللحوم تقدر بحوالي 4آلاف  لتر في اليوم أما الفرد الذي يعتمد على النظام النباتي فتقدر بحوالي 1500 لتر في اليوم. حيث إنتاج لتر واحد من زيت عباد الشمس يحتاج إلى حــــوالي 8 آلاف  لتر من الماء وإنتاج كيلو واحد من اللحوم البقر يحتاج تقريبا في حدود 16 ألف لتر، في حين إنتاج كيلوجرام واحد من الخضار لا تتطلب سوى 250 لتر من الماء.

لكل ما سبق ، نطالب بأن يتم إجراء مزيد من البحوث لدراسة الآثار الطبيعية والاجتماعية، والاقتصادية لاستخدام تجارة المياه الافتراضية كأداة إستراتيجية فى تخطيط سياسات المياه. وعلى الحكومة أن تتخذ عدد من السياسات التحفيزية والتنظيمية لتوعية المزارعين لقيمة ندرة المياه في مصر, والعمل على التحول من المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه منخفضة القيمة، إلى المحاصيل ذات القيمة المرتفعة التي تتطلب كميات مياه ري أقل .


مقالات مشتركة