جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2023-08-20T22:01:49+02:00

عشرات المليارات حصيلة مافيا التربح من الأزمات

أقر وأعترف أنا كاتب هذه السطور ، بأن قدرتي علي استيعاب ما يحدث من جنون في أسواق السلع والخدمات، باتت محدودة، إن لم تكن معدومة، أيضاً، لا يستطيع أحد الزعم بفهم الأسرار الكامنة في معادلة الجشع الممنهج من ناحية ، وصمت الجهات الرسمية  المشحون بريبة والمحرض علي الشكوك من ناحية أخري، فالهوس المشتعل، حالياً، يدور في سياقات مختلفة، مجملها يقوم علي  توزيع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال، وبلا  قرينة أو دليل،  وبرغم هذا فإن الأرقام المتداولة علي منصات التواصل الاجتماعي بصورة غير رسمية ، تذهب إلى أن مافيا التربح من صناعة الأزمات، حققوا عشرات المليارات من الجنيهات في غضون شهور قليلة .

و أظن، وبالطبع ليس كل الظن إثم، أن الحيرة من هذه الأمور تسيطر علي كثيرين مثلي، جراء الكم الهائل من الشائعات التى يتم تداولها في صورة معلومات ، بهدف حشد البسطاء حولها، لتوسيع دائرة الكراهية للنظام .

 ولكن في هذا التوقيت يجب علي الجميع الحذر من موجة خلط الأوراق، لذا يصبح من الضروري  تحديد المواقف بصورة جلية ، سواء كان الموقف يصب في خانة النقد البناء الذى يهدف استقرار الوطن أم يميل نحو الانحياز بلا وعي لموجة التحريض ، القائمة علي استغلال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية .

 و أما المعارضة المغلفة بسوليفان "التنظير" و "الفذلكة"، فهي جريمة لا تقل عن محاولات الاستدراج الممنهجة للشرائح البسيطة،  بتدبير متقن من فئة مارقة ، لا هدف لهم  سوي توجيه بوصلة البسطاء صوب  الفوضي بالأكاذيب المبتكرة ، للنيل من استقرار الدولة ومؤسساتها، وبث تلك الأكاذيب إما في سياق تقارير  مضروبة ومشحونة بشائعات مغرضة ، أو عبر تصريحات عقيمة من نخبة شائهة .

و من المؤكد أن تتبع الإعلام الموجه ضد الدولة ،  لا يحتاج لمجهود فبسهولة تستطيع التعرف علي أهدافه ، حيث يتباري المتبارون من مهاويس الإفتاء ،  بهدف إلباس الكذب ثياب الحقيقة .

والقضية التى باتت العنوان الرئبسي، بل والأبرز علي المنصات الإعلامية الموجهة ، هي تلك المتعلقة بأزمة أسواق السلع، و شكوي غالبية الشرائح المجتمعية بعدم قدرتهم علي مواجهة الغلاء المندفع بصورة فوضوية، فالعزف علي أوتار  الأزمات ، وجد مناخاً ملائماّ للتفاعل من جمهور   جاهز ، أما السبب فهو  عدم قدرة الإعلام الداخلي على تفنيد أبعاد الأزمات، عنفضلاّ  عن الغياب التام، وغير المبرر، للجهات المسؤولة عن ضبط السوق ومواجهة جشع المتربحين من الأزمات ،حتي لا يصبح  المواطن فريسة أو لقمة سائغة، فما تعلنه المنظمات الرسمية "الغرف التجارية " عن الأسعار الحقيقية للسلع ، يختلف بصورة كلية عن الواقع ، لعل أبرز  أوجه التناقض و أحدثها ، ما يحدث ، حالياً ، فى سوق التبغ والأدخنة ، التى ارتفعت أسعارها بشكل استفزازي يفوق التصور ، ناهيك عن اكتفاء الجهات الحكومية بنشر تصريحات عابرة لا تقدم ولا تؤخر .

 و بين هذا وذاك ، تستغل بعض القوي التى تعزف علي الأزمات الاقتصادية مدفوعة بمواقف سياسية، كل ما يحدث علي الأرض وحشوه بما تريد تحقيقه لصالح أجندات تنظيمية وأخري أجنبية ،وهذا بدوره يفرض التأكيد على قناعات ضرورية ومهمة قبل إصدار الأحكام وتوزيع الاتهامات ، مفادها ، من منا "شعب وحكومة " لا يعرف مفردات وتفاصيل  الواقع بكل ما يحويه من أوضاع اجتماعية واقتصادية ؟...  من منا لم يتأثر بصورة مباشرة من الأسعار التي لا يحكمها ضابط أو رابط  ؟ والمقصود بالتأثر هنا، يتعلق بالأوضاع المعيشية والالتزامات الحياتية ومنها الغذاء والدواء، فضلاً عن  مجالات  أخري متعددة ، تجعل المواطن البسيط غير قادر على الوفاء بها ، و هذا شأن الغالبية ، وليس شريحة بعينها ، فبدون أي  تهويل ، الجميع بات يئن و يكرر الشكوي، ولا حديث يشغل بال غالبية المصريين في الأونة الأخيرة، سوي الأوضاع المعيشية المتدنية  .

 والتوقعات تتباين من خيال فئة الى خيال فئة أخري ،كٌل حسب ما لديه من التزامات ، لذا لا يمكن لأى انسان عاقل في هذا البلد أن يتجاهل أو ينكر،  تأثير الأزمة الاقتصادية على الشرائح المجتمعية بتنوعها، ناهيك عن انهيار ظروفهم المادية أمام فواتير الخدمات ،والتي مررنا في أكثر من مقال ، أنها لا تتسق مع مستويات الدخل ، فكان لها تأثير سلبى علي الالتزامات الأسرية .

و لكن هناك فئة لا تقل في خطورتها عن الجماعات المارقة ، وهي الفئة التى تشبه الدبة ، التى تطنطن بلا وعي ، وتعطي الفرصة المارقين للطنطنة بوعي ودراية ، فهؤلاء يتحدثون بلسان الدولة، وهم ليسوا مفوضين منها ، يؤكدون علي وجود السلع وتوافرها وهذا لا يعنى أنها متاحة للمواطن غير القادر على امجرد النظر ،لرؤيتها، لذلك فهي ليست متاحة أو موجودة ، لعدم توافر القدرة الشرائية لدى الغالبية .

إن ما يجرى من ممارسات على الأرض، يؤكد بجلاء على أن الجميع شركاء في   الأوضاع المتردية ، و ان عبء الخروج من هذه الأزمة وغيرها من الأمور الأخري ،يقع علي الجميع لضبط السوق ومواجهة مافيا التربح واخفاء السلع من المتاجر ، لكن الدور الأهم يقع علي عاتق الجهات الرسمية في الدولة ، بحيث لا تترك الأمور سداح مداح ، ثم تتحرك بعد خراب مالطا ، فهذه قضية تخص الجميع، وليس الحكومة وحدها أو المواطن وحده، فالاعتراف  من الجميع بالمسؤولية ، سيحد من سطوة المغامرين و الفهلوية علي الأسواق ، فهؤلاء يسعون للتربح والاثراء من الازمات وترسيخ قانونهم  " أنا ومن بعدى الطوفان " .

 

 

 

( 2 )

 

حان موسم الحصاد و لا عزاء لمروجي الفوضى

 

 

 

 

لا أحد ، مهما كانت براعته فى الجور علي  المنطق، يستطيع إنكار  حزمة من الحقائق ، منها ما يبعث علي الخوف، وأكثرها، وهذه حقيقة، يحفز علي التفاؤل، ولأنني منحاز دائماً لدعم الشرائح المجتمعية البسيطة علي امتداد البلاد، سأبدأ بالمعاناة التي يتعرضون لها ، جراء الغلاء و عدم القدرة علي ملاحقة جنون الأسعار، فالمعاناة من متطلبات المعيشة  حقيقة لا تقبل الجدل، أو التسفيه من تداعياتها علي الملايين من أبناء  الشعب ، أيضاً علي نفس الجانب حقيقة أخري لا يمكن إنكارها أو التقليل منها، مفادها  أن الدولة تمر ، مثل بلدان كثيرة ، بأزمة اقتصادية وديون تستنزف نسبة هائلة من الناتج القومي الرسمي، وإذا توقفنا أمام تلك الجوانب دون سواها ، من الطبيعي أن تتنامي مساحة القلق والخوف والغضب من سياسات الحكومة،لكن إذا اتسعت زاوية الرؤية ، وأصبحت الرؤية شاملة، ربما يتبدد الخوف، بل مؤكد أنه سيتبدد،وقطعاً ستتنامي مساحة التفاؤل الإيجابي فهناك مؤشرات يجب أن تكون في الحسبان ، ولا يتم إغفالها ، مهما علت نبرة التشاؤم عند البعض،فالمؤشرات التي أعنيها من دون سرد لتفاصيلها، تذهب الي  قرب الخروج من الأزمة الحالية، وبالتأكيد سيكون المردود علي الشعب ، وما أرمي اليه ليس من قبيل العبارات الانشائية أو لدغدغة المشاعر ، إنما  لوجود معطيات علي الأرض يتم البناء عليها .

ففي أدبياتنا الشعبية المتوارثة ، كثيراً ما نردد مقولات لها معني ومغزي  يفهمها غالبية المصريين، منها علي سبيل المثال ، من جد وجد ،،، ومن زرع حصد ، وهنا مكمن القصد ، هل هناك زرع من دون اصلاح الأرض وتسوية التربة وتوفير مياه الري ، ثم غرس البذور  ثم ، ثم ، ثم ، وأخيراّ  جني الثمار، المعروف في أدبياتنا الشعبية بمواسم الحصاد ، أكرر مرة أخري "مواسم الحصاد"، أي أن الحصاد له مواسم  من دون استعجال ، وفي تقديري أن ما فعلته الدولة هو بالضبط ما قصدته، هي  قامت بتهيئة الأرض من بنية أساسية و التوسع في العمران ، وتشييد الطرق لخلق شرايين تربط البلاد من شمالها الى جنوبها ، ومن شرقها لغربها ، وهذا لتشجيع  الاستثمار فى المجالات المختلفة ،، نعم .. الدولة  استدانت ، نعم..  هناك معاناة لا يجب اغفالها، لكن هناك ألف ضرورة للحاق بركب التقدم والتحضر  والتنمية الاقتصادية ، لكي تتبوء  مصر مكانة تليق بها بين الأمم ، خاصة أننا نعيش في كوكب لا يقيم وزناً للضعفاء ، لذا لا يمكن أغفال الإيجابيات التي نراها ونلمسها .

 في السياق نفسه، يجب علي الدولة التوجيه بضبط صيغة الرسالة الإعلامية، وهذا لا يتحقق إلا من خلال وجوه لديها عمق ثقافي  ومعرفي ، ولديها قدرة على التأثير ، فاي رسالة إعلامية بذات الوجوه التى فقدت الالتفات نحوها ، تزيد من الفجوة بين المواطن والحكومة، بل تساهم سواء بدراية أو بدون دراية فى خلق رؤي ومواقف شعبية متنافرة ،فى بلد يحاصر من كل الاتجاهات ، بل ويخوض تحديات على المستويات كافة،  وهذه التحديات تبدو  الأخطر منذ مئات السنين، لذا يجب التوعية بحجم ما تحقق على أرض الواقع ، والأهم دعم توجهات القيادة السياسية ليبدأ المجتمع  حصاد ثمار ما زرع .

و بمناسبة الرسالة الإعلامية ، سأتوقف أمام الكم الهائل للمآسي التي أبتليت بها مجتمعاتنا فى الأونة الأخيرة ، ترديد ما تبثه السوشيال ميديا بتنوعها من حكايات لا علاقة لها بالواقع، فقط، استخدام جزء سلبي ، ولو ضئيل من هذا الواقع بكل إشكالياته  وتعقيداته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، للبناء عليه والتأكيد علي إثبات المصداقية، بهدف جذب الجمهور ،وخلق حالة من التماهي مع ما يتم بثه، وعلي أثر ذلك يتفاعل معه البعض، من دون إستعمال العقل، وهذا فى تقديري يمثل خطراً كبيرًا علي المتلقى ، فقد إمتلأت منصات التواصل الاجتماعي بأمور اختلط فيها الغث بالثمين ، تهدف العزف علي أوتار المعاناة التى لا ينكرها أحد ، حتي الحكومة ذاتها ، تقر بها وتعلن أنها تعمل على تلاشيها و الحد من مخاطرها على الشرائح الفقيرة وفق استراتيجية شاملة .

ان الحرب الإعلامية الموجهة ضد الدولة المصرية ، تهدف زعزعة الاستقرار بشائعات ومعلومات مغلوطة عن انهيار الدولة ، وهروب شخصيات كانت مؤثرة ، وتهريب أموال ، وأن الثورة على الأبواب و.. و... الخ ، هذه الحرب يديرها متخصصون     لنشر الاحباط و اليأس و اشعال الغضب فى النفوس ، فهذه الألة الإعلامية الجبارة، تعمل ليل نهار ليكون المجتمع فى حالة من الاستفزاز  المتواصل و خلق البلبلة و القلق لدي الشعب، تدور محاورها الرئيسية فى فلك تزكية السخط علي الدولة ونظام الحكم ، بأمل أن ينتقل التحريض علي الغضب من منصات  السوشيال ميديا الى الأرض، وهذا يتطلب في المقابل رسالة إعلامية ناضجة ومسؤولة، رسالة توعوية، قادرة علي دحض الأكاذيب، وإبراز الحقائق الموجودة علي أرض الواقع ، والتحفيز على التفاؤل القائم علي معطيات حقيقية ، وإبراز الانجازات التى تحققت بالفعل ،و طمأنة المجتمع  بقرب وقت جني الثمار .. انتبهوا جيداً للحرب المعلنة فى صحف اجنبية، مهمتها نشر  تقارير مضروبة، تصدر عن منظمات تعمل لحساب أجندات دولية ، وميديا موجهة، هدفها التحريض علي نشر الإحباط والتشكيك ، أما المنوط به مواجهة العبث القائم علي التحريض ، الإعلام الداخلي ، فهو للأسف "إعلام بليد" ، تحول جهابذته ،بقدرة قادر الي متخصصين و خبراء ، يقدمون الفتاوي في كل شئ من السياسة الي الاقتصاد، ومن الدين الي الرياضة فانصرف عنهم الغالبية ، التي لم تجد من يتحدث عن معاناتها .... يا سادة ولوا وجوهكم صوب الوطن ومصالحه العليا بنظرة أوسع وأشمل من تلك النظرة الضيقة المحدودة .


مقالات مشتركة