البنك المركزي يكشف أسرار تراجع معدلات التضخم       الداخلية تعلن القبض على المتهم في واقعة العبارات المسيئة على شاشة فيصل       الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين بنظام ( الأونلاين ) يوم واحد أسبوعيًا       أخبار سارة .. المركز القومي للبحوث ينجح في إنتاج مُخصب حيوي يزيد إنتاج المحاصيل الزراعية       وزير الإسكان : الدولة لن تسمح مرة أخرى بالبناء غير المخطط والعشوائي والمخالفات       التفاصيل الكاملة لزيارة وفد قيادات الأوقاف ل شيخ الأزهر       الحكومة: الخميس 25 يوليو إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو       خطة حكومية لزيادة الاستفادة من العلماء والباحثين المصريين في الخارج       بالأرقام الرسمية .. 50 مليون زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية ضمن مبادرة دعم صحة المرأة       اللجنة الخاصة المشكلة بمجلس النواب لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تختتم أعمالها اليوم       تفاصيل مشاركة الأهلى فى أعمال الجمعية العمومية لرابطة الأندية الأوروبية  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2023-10-12T15:53:42+02:00

بالأسماء .. المؤهلات العلمية لملوك ورؤساء الدول العربية

ايمان بدر

" بلد بتاعت شهادات صحيح"، تلك العبارة التى قالها الزعيم عادل إمام قبل أن يصبح زعيمًا للفن العربى، خلال مشاركته فى بداياته مع القدير فؤاد المهندس مؤديًا شخصية وكيل المحامى الذى لم يكمل تعليمه " دسوقى أفندى"، بالرغم من كونه صديق المحامى الكبير ولكن لأنه لم يحصل على الشهادة فلن يتمكن من حمل لقب "المتر"، وفى العصر الحالى لم تعد الشهادات مهمة بالقدر الكافى لتحقيق الأحلام، ولكن ماذا لو امتلك الإنسان السلطة والجاه والنفوذ وانحدر من سلالة عائلة ملكية حاكمة، هل يحتاج إلى شهادة معينة ليصل من خلالها إلى مقعد الحكم، أو إلى منصب ولاية العهد.

ولأن عالمنا العربى بعيد نوعًا ما عن دولة المؤسسات وعن فكرة الفصل بين السلطات، نجد أن غالبية إن لم يكن كل ملوك وحكام الدول العربية حرصوا على أن يدرس أبناءهم العلوم العسكرية والاستراتيجية، لأن الملك أو الأمير فى بلادنا هو قائد الجيش والشرطة وخليفة الله فى الأرض، ومن ثم لا يجرؤ أحد أن يتحدث عن فكرة الفصل بين مؤسسة الحكم التى هى القصر الملكى أو قصر الرئاسة وبين الجهة السيادية العسكرية.

ولا يقتصر هذا على الممالك والدول التى يحكمها أمير فقط، ولكن حتى فى الدول العربية ذات النظام الجمهورى، عادًة أو بالأدق غالبًا ما يكون الرئيس منتمى للمؤسسة العسكرية، لكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة.

 

            لقاءات تعارف ملوك المستقبل داخل "ساند هيرست"

 

 

-           باعتراف قيادى بمركز تدريب الضباط الإنجليز: إنها تمنح بريطانيا تأثيرًا على الخليج

 

الدول الخارجية تعلى قيمة السياسة ولا يجلس على سدة الحكم فيها إلا سياسيون متمرسون، ولها هى الأخرى تجارب مع دارسى العلوم العسكرية أمثال الرئيس الفرنسى شارل ديجول ورئيس الوزراء البريطانى ويلسون تشرشل وكذلك الأمريكى آيزينهاور وصولًا إلى القيصر الروسى الحالى فلاديمير بوتين، وبالرغم من أن هؤلاء جميعًا درسوا العلوم العسكرية وتقلدوا الرتب والمناصب     "الميرى" ولكن كل منهم بعدما ترك الخدمة إنخرط فى السياسة، وإنضم إلى أحد الأحزاب أو تنقل من حزب إلى آخر، حتى أصبح زعيمًا حزبياً منتخبًا، ما أهله إلى أن يكون مرشح الحزب لحكم بلاده، وهو أمر " لسه بدرى علينا على ما نوصل له"، حيث يصر حكامنا على التمسك بمثل مصرى شعبى يقول " إن فاتك الميرى إتمرمغ فى ترابه"، والمرمغة هنا تتمثل فى أن يرسل الحاكم أبناءه الذكور جميعًا أو على الأقل أكبرهم الذى سيصبح ولى عهد مملكته ليدرس العلوم العسكرية، وغالبًا ما تكون هذه الدراسة فى الخارج.

ولكن ما هو المقصود بكلمة الخارج، أو إلى أى دولة يفضل الحاكم العربى أن يرسل أبناءه للدراسة والإقامة، لعل الإجابة على هذا السؤال تعد من عجائب وغرائب عالمنا العربى، وعملًا بنظرية التوحد والتماهى بين السجين والسجان، أو بالبلدى " القط بيحب خناقه أو محتل بلاده" نجد غالبيتهم درسوا العلوم العسكرية داخل المملكة المتحدة، التى هى بريطانيا العظمى التى أقامت إمبراطوريتها على أشلاء الدول العربية، بعد أن إحتلت غالبيتها لعقود طويلة استنزفت خلالها ثرواتها وانتهكت حقوق شعوبها، بل وزرعت بداخل المجتمعات تنظيمات إرهابية وأفكار متطرفة وتيارات مازالت تنخر فى الجسد العربى حتى كتابة هذه السطور.

ولا يقتصر الأمر على التوحد والتجمع ربما للمرة الأولى والوحيدة حول ضرورة دراسة العلوم العسكرية فى المملكة الإنجليزية، ولكن العرب إتفقوا على ألا يتفقوا إلا فى الالتحاق بأكاديمية " ساند هيرست" تحديدًا، حيث لم يرسلوا أبناءهم فقط للتعلم هناك ولكن بناتهم أيضًا.

 

وبالعودة إلى تاريخ تلك الأكاديمية الواقعة فى جنوب انجلترا، نجد أنها كانت منذ عام 1812 مركزًا لتدريب ضباط الجيش البريطانى، ويعد ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال من أبرز خريجيها من الحكام العرب، وهناك أيضًا نجله الملك عبدالله الثانى العاهل الحالى للمملكة الهاشمية، وملك البحرين حمد بن عيسى وأمير قطر تميم بن حمد وكذلك والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثان، ومن الراحلين هناك سلطان عُمان قابوس بن سعيد، ومن الحكام السابقين خريجى تلك الأكاديمية يأتى أيضًا الشيخ سعد العبد الله الصباح أمير الكويت سابقًا. ويكفى أن أحد مسئولى الأكاديمية قال فى تصريح سابق:

 " إن ساند هيرست هى المكان التى يتعرف فيه حكام المستقبل على بعضهم"، والأخطر أنه قال إنها تمنح بريطانيا تأثيرًا فى الخليج.

وتبرز هنا تساؤلات من نوعية هل كل حكام الدول العربية وخاصًة الخليجية درسوا العلوم العسكرية فقط، وهل إكتفوا بالحصول على المؤهل من " ساند هيرست"، أم أن بعضهم درس فى جهات أخرى وتلقى علوم أخرى، وبعضهم الآخر لم يذهب إلى أكاديمية مملكة الضباب من الأساس وتلقى تعليمه فى مكان آخر.

وبالبحث عن إجابة هذه التساؤلات نجد ملوك عرب لم يكتفوا بالدراسة فى تلك الأكاديمية أو غيرها ولم يتوفقوا عند حد الشهادة الجامعية بل وصل بعضهم إلى درجة الدكتوراه، وأبرزهم العاهل الأردنى الملك عبد الله بن الحسين وكذلك العاهل المغربى محمد السادس والرئيس الفلسطينى محود عباس أبو مازن.

 

 

السيسى حاصل على درجات تفوق الدكتوراه ولكنه لم يلتحق بالكلية التى تمناها فى طفولته

 

وقتما ترشح المشير عبدالفتاح لرئاسة الجمهورية عام 2014، خرج البعض يرفضون فكرة ترشح شخص ذو خلفية عسكرية، رغم أن الرجل كان قد أعلن استقالته من منصبه العسكرى وخلع البذلة الميرى وارتدى ملابس مدنية، ووقتها استضافت إحدى القنوات الفضائية النائب طارق الخولى الذى كان آنذاك ضمن حملة مرشح الرئاسة " السيسى" وقال: "اعتبروه دكتور هو حاصل على درجة الزمالة من أكثر من جهة وهى درجة تعادل الدكتوراه أو تفوقها".

وفى هذا السياق من المعروف أن "السيسى" بالفعل حاصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان المصرية، وماجستير أيضًا من كلية القادة والأركان البريطانية، كما أنه حاصل على الزمالة من أكاديمية ناصر العسكرية وأيضًا زمالة كلية الحرب العليا الأمريكية.

وبالرغم من أنه خريج الكلية الحربية ولكن فى حياته حلم واحد لم يتم هو الالتحاق بالكلية الجوية رغم كونه حاصل على الثانوية الجوية، وفى لقاء سابق مع الأطفال ذوى الهمم سألته طفلة عن حلم لم تحققه الأقدار فقال باسمًا: كان نفسى أكون طيار.

 

أبرزهم خادم الحرمين الشريفين وشقيقه الراحل الملك عبدالله

  •  

قائمة دارسى العلوم الشرعية تضم حكام الإمارات والكويت السابقين

 

بالرغم من أن غالبية ملوك الخليج يرسلون أبناءهم للتعلم بالخارج، ولكن الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية آثر أن يدرس أبناءه العلوم الشرعية والدينية داخل البلاد، ومن ثم درس العاهل السعودى الحالى الملك سلمان العلوم الشرعية فى مدرسة الأمراء بالرياض وختم القرآن الكريم فى سن مبكرة، مثلما فعل شقيقه الأكبر الملك عبدالله رحمه الله، أما عن الخبرات العسكرية فقد إكتسبها الملك سلمان من التطوع فى الجيش المصرى والمشاركة فى الحروب التى خاضها ضمن القوات العربية التى تطوعت للقتال مع أشقاءهم المصريين.

وتضم قائمة الحكام العرب دارسى العلوم الشرعية الإسلامية مع "آل سعود" زعماء آخرين أبرزهم الرئيس الإماراتى الراحل الشيخ خليفة بن زايد وأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد.

 

            أمير الكويت تلقى تعليمه فى مدارس بلاده

وسلطان مسقط سافر إلى بريطانيا لكنه لم يدرس العلوم العسكرية

 

 

-           الرئيس اليمنى جمع بين انجلترا والقاهرة فى سابقة نادرة

 

رغم وجود أكاديمية "ساند هيرست" البريطانية كقاسم مشترك فى دراسات الكثير من حكام العرب ولكن غالبيتهم لم يكتفوا بها، وعلى سبيل المثال بعد أن تخرج العاهل البحرينى الحالى الملك حمد بن عيسى من هذه الأكاديمية، ولكنه لم يكتفى بها بل التحق بكلية مونز الحربية البريطانية عام 1967 وحصل منها على دورة عسكرية ثم سافر عام 1971 إلى ولاية كانساس الأمريكية حيث درس فى كلية القادة ورئاسة الأركان وحصل منها على شهادة بدرجة الشرف فى قيادة الأركان.

ومن البحرين إلى الإمارات حيث درس الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات فى المدرسة النهيانية التى أسسها والده الراحل الشيخ زايد  ومنها إلى أكاديمية ساند هيرست حيث درس علوم الطيران وحصل على دورات الطيرات التأسيسية والطيران التكتيكى، ويتشابه فى ذلك مع العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى الذى درس علوم الطيران العسكرى أيضًا فى نفس الأكاديمية.

أما عن أمير قطر تميم بن حمد فبدأت علاقته بالدراسة فى بريطانيا منذ المرحلة الثانوية، حيث حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة شير بورن بالمملكة المتحدة ومنها التحق بأكاديمية  ساند هيرست الشهيرة.

ولعل سلطان عُمان هيثم بن طارق هو الزعيم العربى الأوحد الذى سافر للدراسة فى بريطانيا ولكنه لم يدرس العلوم العسكرية، حيث حصل على الشهادتين الثانوية والجامعية من بريطانيا ولكنه تخرج من جامعة اكسفورد بالمملكة المتحدة وتحديدًا كلية الخدمات الخارجية.

أما عن أمير الكويت الحالى الشيخ نواف الأحمد الجابر لعله من القلائل الذين لم يدرسوا خارج بلادهم، حيث درس فى مدرسة المباركية وهى أول مدرسة يتم افتتاحها فى الكويت وانتقل منها إلى مدراس النقرة ثم مدرسة الشرقية.

وتضم قائمة الحالات الغير متكررة أيضًا الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى الذى استطاع أن يجمع بين إسم الزعيم الخالد عبدالناصر وبين المملكة المتحدة، رغم العداء التاريخى بينهما، حيث تخرج "هادى" من أكاديمية ساند هيرست البريطانية، ثم حصل على ماجستير من أكاديمية ناصر العسكرية بالقاهرة.

 

 

            " لعبة نيوتن" غيرت مسار بشار

 

            قصة تحويل طريق " الأسد "  من طب العيون إلى حروب السياسة

 

حينما سئل المخرج تامر محسن عن مدلول إسم مسلسله     " لعبة نيوتن" قال إن الحياة قائمة على قانون العالم اسحاق نيوتن "إن لكل فعل رد فعل"، وفيما يتعلق بالسياسة تحديداً نجد أنه حتى الموت الذى هو لعبة القدر، قد يترتب عليه رد فعل عنيف خاصًة لو كان نتيجة إغتيالات ومؤامرات سياسية.

تلك القصة تنطبق على حياة الرئيس السورى بشار الأسد الذى لم يكن مولعًا بالسياسة والسلطة والحروب، حيث درس الطب فى جامعة دمشق وتم تعيينه فى مستشفى تشرين، وحتى حينما سافر إلى بريطانيا لم يدرس العلوم العسكرية مثل غيره من أبناء الحكام، بل تخصص فى طب العيون، ويرجع ذلك ليس إلى كون بلاده جمهورية لا ينتقل الحكم فيها بالتوريث، ولكن على ما يبدو كانت عائلة "الأسد" قد عقدت العزم على التوريث بالفعل ليس للطبيب الشاب بل لشقيقه الأكبر باسل الضابط بالجيش السورى.

ولعل الراحل شعر بثمة مؤامرة تدبر ضد فكرة التوريث وضده هو شخصيًا، وقيل إنه كان يخشى على شقيقه الأصغر "بشار" أكثر من خوفه على نفسه، وكأنما كان يشعر بما يدبره القدر، أو ما يضمره خصوم آل الأسد، الذين نجحت مؤامراتهم بالفعل، ونفذوا خطة إغتيال باسل الذى لاقى ربه فيما بعد، وكرد فعل عكسى من الأب المكلوم الرئيس حافظ الأسد، قرر أن يلتحق نجله الثانى بالقوات المسلحة بشكل استثنائى ليخدم بقسم الخدمات الطبية، ويترقى بسرعة الصاروخ ليصل إلى رتبة الفريق ركن دكتور، وكأنما كان الأسد الأب يعلم أن القدر لن يمهله أكثر من ذلك، ليرحل حافظ عن الحياة ويتسلم نجله بشار مقاليد الحكم حتى كتابة هذه السطور، ولولا لعبة القدر لكان بشار حاليًا واحد من أكفأ أطباء العيون على مستوى العالم العربى وربما العالم، وكان شقيقه باسل هو رئيس سوريا الذى يتصدى لما تواجهه البلاد حاليًا من مؤامرات وحروب ضد الدولة الوطنية السورية ذاتها.

 


مقالات مشتركة