جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2023-12-28T09:09:31+02:00

فى عام 2024 .. شبح التعويم يطارد المصريين ويهدد بارتفاع سريع لأسعار الدولار والذهب والعقارات

ايمان بدر

 

فى أوقات الأزمات الاقتصادية التى تصاحب الحروب والصراعات السياسية ويرتفع خلالها سعر العملة العالمية وهى الدولار حتى الآن، يتكالب الناس على تحويل مدخراتهم من العملة المحلية التى تقل قيمتها بشكل سريع إلى ما يسمى بالملاذات الآمنة، التى تكون عادةً عبارة عن دولارات أو ذهب أو عقارات – وهى الأكثر إنتشارًا فى مصر- أما فى الخارج فهناك الفرنك السويسرى والين اليابانى والبينكوين، فيما يلجأ آخرون إلى إيداع مدخراتهم من الأموال السائلة فى البنوك وإخراجها من " تحت البلاطة" لتدر عليهم عوائد تساعد على مواجهة غلاء المعيشة وضعف الأجور، خاصًة وأنه فى ظل حالات التضخم والركود الذى يعرف بالكساد التضخمى لا تحقق غالبية المشروعات والأنشطة التجارية أرباح مجزية بل ربما تحقق خسائر، ليصبح الحل هو تصفية المشروع وتحويله إلى وديعة بنكية بأرباح مضمونة.

وبشكل عام تعتبر الملاذات الآمنة هي نوع من الأدوات المالية التي ترتفع قيمتها مع مرور الوقت خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية، حيث يتم استخدام هذه الملاذات الآمنة للتحوط من المخاطر التي قد تواجه الأسواق في رحلة الركود أو الانكماش الاقتصادي، ويرجع تسمية هذه الأدوات بالملاذات الآمنة لأنها  توفر الأمان عندما يسيطر الخوف على الأسواق بسبب تقلبات اقتصادية.

وبما أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة من الطبيعى أن يتأثر سوق البيزنس العالمى بالحروب التى يعيشها العالم من الحرب الروسية الأوكرانية إلى أزمة غزة، ومن ثم واجه السوق المصرى موجات غلاء متتالية فى ظل قفزات الدولار وتراجع قيمة الجنيه، ناهيك عن شروط البنك الدولى التى تطالب مصر بإجراءات تحرير  سعر الصرف " ما يعرف بالتعويم" مقابل الحصول على قرض جديد، وهو ما يؤكد على حقيقة أن سعر الدولار سيواصل الارتفاع وفى المقابل سوف ترتفع قيمة باقى الملاذات الآمنة على حساب تراجع الجنيه خلال العام الجديد 2024.

وفى سياق السطور التالية نحاول التعرف على التوقعات لبعض هذه الأسعار.

 

 

 

 

            حقيقة إنهيار أسطورة الذهب عالميًا رغم مواصلة إرتفاع أسعاره محليا

 

-           ترتفع بنسبة 26% مع استمرار حالة الركود وتراجع الإقتصاد الأمريكى

 

-           دول البريكس تتجه إلى عملة جديدة مدعومة بالذهب

 

من المعروف أن الذهب يعد ملاذًا آمنًا يرتفع الطلب عليه فى حالات عدم الاستقرار العالمى، لعدة أسباب فى مقدمتها أنه مادة محدودة على مستوى العالم ومع تزايد أعداد البشر يتزايد الإقبال عليه، خاصًة فى أوقات الحروب والأزمات وتذبذب أسعار الدولار بسبب التضخم وتغير القيم الأصلية، كما أنه يمكن تجزئته عند بيعه على عكس أشياء أخرى مثل الوحدات السكنية لا يمكن تقسيمها، كما يرى فيه البعض الوسيلة الأفضل للإدخار إن لم يكن للربح فى حالة تعرضه لهبوط مفاجئ يقلل المكاسب.

وعلى جانب آخر فيما يتعلق بحجم الربح وخطر التعرض للخسائر يرى بعض الخبراء أن الذهب ليس ملاذًا آمناً ينصح بالاستثمار فيه لأن سعر الذهب عالميًا لا يقفز القفزات الكبيرة كما الحال فى الأسعار المحلية، وبالنظر إلى سعر الأونصة منذ 15 عامًا نجده لا يختلف كثيرًا عن سعرها الحالى، كما أنه فى فترات كثيرة ينخفض عن سعر الشراء، فمثلًا سعر الأونصة فى عام 2010 سجل 1.410 دولار، ثم تعرض العالم فيما بعد إلى كل الإضطرابات والحروب والأزمات والأوبئة التى شهدها طيلة هذه الفترة حتى أواخر عام 2023 الذى أوشك على الرحيل،  ليصل سعر الأونصة مؤخرًا إلى 1.976 ، وبحساب الفارق فى السعر العالمى نجد رقم لايوازى حجم التغيرات الاقتصادية التى حدثت ولا يعوض القفزات الرهيبة والسريعة فى سعر الدولار.

وبالرغم من وجاهة هذه الفكرة تشير العديد من التقارير العالمية، إلى توقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2024، على خلفية انخفاض أسعار الفائدة، ومخاوف الركود التي تلوح في الأفق، والتي ترفع مكانة الذهب كملاذ آمن.

ومن المتوقع أن تصل الأسعار إلى 2500 دولار للأوقية، علمً بأن أسعار الذهب، كانت قد سجلت أعلى مستوى قياسي لها في أغسطس 2020 عند 2072.5 دولار للأوقية، ويتوقع بعض المحللين مستهدف سعري يبلغ 2500 دولار بحلول نهاية العام المقبل، أي يرتفع لأعلى بنسبة 26% تقريبًا مقارنةً بالمستويات الحالية.

وتستند هذه التوقعات إلى أن أي نوع من الركود سيكون إيجابي بالنسبة للذهب، ومن المتوقع أن يحدث ضعف في الاقتصاد الأميركي، الذي بدوره سيؤثر على أسعار الذهب.

وتوضح التقارير أن الذهب يجب أن يُتداول على ارتفاع عالمي، عندما تتوقف أسعار الفائدة عن الارتفاع ويتراجع الدولار، وهو ممن المقرر له أن يحدث خلال بداية العام المقبل 2024.

ومن المتوقع أيضًا أن تتجه العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لعدم الاعتماد على الدولار، واستخدام الذهب كبديل، للتحوط في حالة فرض أي عقوبات غربية أخرى، كما ورد أن دول «البريكس» وتشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وانضمت لها مصر مؤخرًا، تتطلع أيضًا إلى الابتعاد عن الدولار الأمريكي لصالح عملة جديدة مدعومة بالذهب.  

 

-           العقارات تقفز بنسبة 40% خلال الصيف القادم

 

-           توقعات بالاستقرار مع قرب نهاية العام الجديد

 

-           صدق أو لاتصدق: غالبية مواد البناء تنتج محليًا وتتجه للتصدير ومازالت الأسعار  ترتفع مع الدولار

 

دائمًا ما تشتد المنافسة بين الذهب والعقارات فى أوقات الأزمات لمن يريد ملاذ آمن لاستثمار أمواله أو إدخارها بشكل يحفطها من تذبذب أسعار الدولار وعدم استقرار معدلات التضخم، وخلال الفترة الماضية شهدت أسعار العقارات ارتفاعات جنونية فاقت أسعار الذهب، على خلفية ارتفاع أسعار مواد البناء من ناحية وتوقف إصدار تراخيص المبانى الجديدة من ناحية أخرى.

وفى العام الجديد يتوقع الخبراء حدوث حالة من الاستقرار فى السوق العقارى، تجعل أسعار العقارات تقترب من "السعر العادل" بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مواد البناء في الآونة الأخيرة، والتي جعلت المطور العقاري يحاول الموازنة بينها وبين السعر الفعلي للعقار سواء في المشروعات المقامة بالفعل أو التي مازالت تحت الإنشاء وهذا برفع أثمان العقارات تدريجيًا، حيث تتأثر الأسعار فى القطاع العقاري ليس فقط بارتفاع أسعار مواد البناء، ولكن أيضًا ترتبط بالتضخم والحالة الاقتصادية العامة للبلاد.

وبالرغم من أن غالبية مواد البناء تنتج محليًا ولكن مع التوسع فى الاتجاه للتصدير لتوفير العملة الصعبة، من المنتظر أن القطاع العقاري مازال معرضًا لارتفاعًا جديدًا في أسعار العقارات في ظل التوقعات بتحرير جديد لسعر الصرف في الربع الأول من 2024، حيث يتوقع الخبراء  أن تشهد أسعار العقارات ارتفاعًا ما بين 30% إلى 40% موزعة على النصف الأول من 2024، أما فى النصف الثاني فمن المحتمل أن يشهد السوق حالة من التحسن أو بالأدق الاستقرار وثبات الأسعار، خاصًة مع حلول الشتاء وإقتراب نهاية العام حيث ترتفع الأسعار خلال موسم الصيف والاجازات متأثرة بعودة المغتربين من الخارج، وعادًة ما يقبل هؤلاء على شراء أراضى للبناء عليها مما ينعكس على ارتفاع الأسعار، ومع انتهاء الإجازات وعودتهم إلى عملهم تستقر الأسعار بشكل كبير.

 

 

 

الجنيه المصرى ..             يبدأ العام باستقرار ثم تعويم وارتفاع يتبعه استقرار

 

بالرغم من محاولات البعض إيجاد بدائل للدولار سواء من خلال اللجوء إلى الذهب أو العقارات أو التبادل التجارى بالعملات المحلية للدول فيما بينها، ولكن يبقى الدولار هو رمانة ميزان الاقتصاد العالمى، وسيظل كذلك لسنوات وربما عقود قادمة.

وفيما يتعلق بأسعار "الأخضر" خلال العام الجديد، توقع بنك HSBC الدولى مفاجأة سارة تتمثل فى أن يشهد الدولار ثباتًا ملحوظا خلال الربع الأول من العام الجديد 2024، فيما أرجع المصرفيون إبقاء الحكومة المصرية على سعر صرف الجنيه دون تغيير خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023، إلى محاولة السيطرة على الأسعار ومواجهة الغلاء، وهو أمر ليس ببعيد عن إنتخابات الرئاسة ومبادرة تخفيض الأسعار، على أن يرتفع سعر الدولار بنحو 21% إلى مستوى 37.5 جنيه مع نهاية الربع الأول من 2024، وتوقع البنك أن يواصل الجنيه الانخفاض خلال الربع الثاني من العام المقبل، ليصل سعر الدولار بنهاية يونيو المقبل- ومع بدأ العام المالى الجديد- إلى مستوى 40 جنيها على أن يستقر على هذا المستوى حتى نهاية 2024.

وكان بنك HSBC قد توقع، في ورقة بحثية صادرة له في مارس الماضي، انخفاض سعر الجنيه، على أن يصل سعر الدولار إلى 37.5 جنيه خلال العام المنقضى، وإلى 40 جنيها بنهاية 2023، لكن البنك غير توقعاته مع تطورات الأوضاع، وتوقعات البعض بتأجيل خفض قيمة الجنيه إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.

وعن إحتمالات صدور قرار جديد بتحرير سعر صرف الدولار وتعويم الجنيه خلال 2024، يتوقع الخبراء ذلك فى ظل استمرار مطالبات صندوق النقد الدولي لمصر بالعودة إلى الالتزام بسياسة سعر صرف مرنة، وهو ما يأتي تزامنا مع تأجيل المراجعتين الأولى (من مارس) والثانية (من سبتمبر) لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه الصندوق مع مصر ويموله بقرض 3 مليارات دولار يصرف على شرائح.

 

 

 

 

أسعار الفوائد البنكية .. ترتفع بنسبة ٣.٥٪ خلال الربع الأول ثم تعاود الانخفاض في أواخر العام

 

كلما ارتفعت أسعار السلع والخدمات تصاب الأسواق بحالة من الركود مع انخفاض القدرة الشرائية للجنيه، بمعنى أن المواطن يحصل على راتبه فلا يجد سلع يشتريها به، نظرًا لأن مستوى الدخل لا يتناسب مع مستوى الأسعار، ويتقلص المعروض في الأسواق مع ارتفاع أسعار الدولار فنتعرض إلى نقص حاد في السلع، التى تتفاوت أسعارها بشكل كبير، وتظهر السوق السوداء لغالبية السلع خاصةً الغذائية.

في ظل هذه الأجواء تلجأ البنوك المركزية إلى رفع سعر الفائدة على الإيداع وبالتالي على الإقراض في محاولة لاستيعاب حالة التضخم وزيادة الأسعار، وهو ما يمكن وصفه بالعامية ( إن الدولة بتجمع الفلوس من الناس لتشترى بها دولارات) ثم تعوض ضعف دخولهم من خلال فوائد هذه الإيداعات.

ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية الحالية التى تزامنت مع الحرب الروسية الأوكرانية وقفزات الدولار والأسعار لجأ البنك المركزي المصري إلى رفع سعر الفائدة ٦ مرات خلال عام ونصف لتصل نسبة الارتفاع إلى ١١٪، في محاولة لكبح التضخم والسيطرة على الأسعار، وتم إصدار العديد من الشهادات والأوعية الادخارية بنسبة عائد كبيرة أحدثت زحام وطوابير في البنوك المصرية، وتداولت معها هاشتاجات وعبارات من نوعية ( ما انتوا معاكو فلوس أهو) ( طلعوها من تحت البلاطة).

أما عن العام الجديد فيتوقع المصرفيون أن البنك المركزي المصري سوف يرفع سعر الفائدة بنسبة ٣.٥٪ خلال الربع الأول من ٢٠٢٤، وهو خبر سار لأصحاب الشهادات سوف يدفع غالبيتهم إلى التزاحم مرة أخرى على البنوك لكسر ودائع قديمة وشراء شهادات جديدة، كما سيأتى بأموال إيداعات جديدة من خارج الجهاز المصرفي ولكن بنسبة أقل من تلك التي تتحول من شهادة قديمة إلى أخرى جديدة، كما توقع الخبراء المصرفيون بعد هذا الارتفاع أن تثبت أسعار الفائدة، وهو ما يعني استقرار التضخم بعد موجة الارتفاع الأولى التي سيصاحبها رفع سعر الفائدة في الربع الأول من العام.

أما الخبر الجيد فعلياً وعلى كل المستويات فهو احتمالات تخفيض الفائدة في أواخر ٢٠٢٤ بنسبة ٢٪ لأنه يعكس تراجع التضخم لمستويات أقل من ٣٠٪ وهو مؤشر جيد يرتبط بتراجع أو على الأقل انضباط الأسعار والسيطرة على الغلاء، كما لا يتضرر المودعين القدامى من تراجع نسبة الفائدة لأنهم سيحصلون على نفس القيمة المرتفعة التي تم إقرارها في بداية العام، والتى من أجلها اشتروا شهادات استثمار بعد أن كسروا ودائعهم أو حولوا مدخراتهم من أموال ( مخبئة في المرتبة) أو مدخرة في شكل مشغولات ذهبية إلى شهادات بنكية، علماً بأنه في هذه الحالات تتراجع أسعار الذهب أحيانًا حين يكون رفع سعر الفائدة مغريًا ليدفع الناس إلى بيع المشغولات الذهبية وإيداع قيمتها في البنوك، للحصول على فوائد تساعدهم على مواجهة غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية.

 


مقالات مشتركة