جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2023-12-29T09:37:28+02:00

أهم القضايا على أجندة الرئيس السيسى فى ولايته الثالثة

ايمان بدر

قبل أسابيع قليلة بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى عامه السبعين مع حلول الذكرى الـ 69 لميلاده فى التاسع عشر من نوفمبر، ثم بدأ فترة رئاسته الثالثة ليواصل تولى مهام رئاسة الجمهورية التى يمكن وصفها بعبارة " المهام الصعبة أو المستحيلة" فى ظل أجواء دولية متوترة فى عالم على شفا حرب عالمية ثالثة وصراعات بين قوى عظمى غالبيتها يمتلك السلاح النووى والقنابل الفتاكة، أما على الصعيد الإقليمى تحيط بالبلاد حدود ملتهبة من كل الجهات من أشباح التقسيم التى تطارد السودان جنوبًا وليبيا غربًا إلى خطر الحوثيين الذى يهدد المدخل الجنوبى لقناة السويس فى الجنوب الشرقى وأزمة سد النهضة الاثيوبى التى تهدد الأمن المائى وتنذر المصريين بالعطش والأرض بالبوار والمحاصيل بالجفاف، وصولًا إلى الحدود الشرقية حيث غزة ومواجهات الجيش الإسرائيلى وحركة حماس والضغوط من أجل تهجير أهالى غزة إلى سيناء، ما يعنى المزيد من اللاجئين فى دولة لديها بالفعل أكثر من 10 آلاف لاجئ يعاملون معاملة المواطنين ويقاسمون المصريين فى جميع الفرص المتاحة بما فيها العلاج والسكن والتعليم والغذاء.

وعلى ذكر الغذاء لم تتعافى مصر والعالم بعد من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى مازالت مستمرة، والتى أدت إلى إضطرابات ضخمة فى سوق أسعار الأقماح والأعلاف إنعكست على سوق الدواجن وأزمات الخبز، ناهيك عن أزمات نقص مصادر الطاقة التى أدت لارتفاع أسعار الوقود عالميًا وتسببت فى موجات غلاء متتالية وتضخم إجتاح العالم، واجهته أمريكا برفع الفائدة على سعر الدولار ما أدى إلى ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعار جميع السلع والخدمات، وتوقف حركة الاستيراد بسبب نقص الدولار، ما هدد بأزمة غذاء عالمية وأزمة كساد تواجه حركة التجارة العالمية.

 وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، واجه العالم أزمة التغيرات المناخية العنيفة التى أدت إلى تناقص إنتاج بعض المحاصيل وفى مقدمتها الحبوب الزيتية، ومازالت تهدد الدلتا بالتآكل والتملح وتهدد الأراضى الخصبة بالجفاف والتصحر، وبدلًا من أن تواجه الدول الغنية المتقدمة مسئوليتها عن التسبب فى الاحتباس الحرارى والانبعاثات الكربونية فرضت على الدول الأفريقية الفقيرة عدم التنقيب عن البترول ما عطل طموحات مصر فى الاستفادة من ثروات هذه الدول المجاورة لنا، والتى تواجه غالبيتها أزمات وإنقلابات وصراعات، تعوق هى الأخرى من إمكانية تحقيق مكاسب من العلاقات الاقتصادية والتبادل التجارى مع هذه الدول.

ومازالت الحروب والصراعات مستمرة ومازالت الحدود الشرقية لمصر مهددة باجتياح جحافل اللاجئين الفلسطينيين لتمثل عبأ جديد على كاهل الاقتصاد، ناهيك عن مخاوف من عودة الجرائم الارهابية والاجرامية فى ظل هذه الأجواء المتوترة، وهو ما يعوق من خطط تنمية سيناء وتحقيق الاستفادة من مواردها فى مجالات الزراعة والسياحة والتعدين.

وعلى خلفية ما سبق تصبح رئاسة مصر بالفعل تكليف وليس تشريف، يحمل تحديات تنطوى أيضًا على قدرات وإمكانيات ليستطيع من يقدر على تطويع الظروف أن يحول المحنة إلى منحة والأزمة إلى فائدة كعادة المصريين فى الأزمات التى تفرز أفضل ما لديهم وتخرج أقوى ما فيهم.

 

 

 

            خريطة التحديات فى فترة رئاسته الجديدة

 

-           ارتفاع التضخم مع قفزات الدولار وزيادة الاعتماد على الاستيراد وتباطؤ نمو الإحتياطى النقدى وتراجع ايرادات السياحة

 

يؤخذ على الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترتى رئاسته السابقتين حسبما قال معارضيه عدم ترتيب الأولويات، ولكن يرى تيار الموالاة أن قرارات "السيسى" وإن بدت قاسية خاصًة فيما يتعلق بإجراءات الإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر صرف الدولار الذى عرف بتعويم الجنيه، هى ذاتها القرارات التى أنقذت مصر من تداعيات الأزمات الاقتصادية التى حلت على العالم.

وحول تلك الفكرة صدرت مؤخرًا دراسة بعنوان "ما بين الفرص والتحديات: أولويات الاقتصاد المصري عقب الانتخابات الرئاسية" أعدتها بسنت جمال الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أوضحت خلالها كيف توالت الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري منذ عام 2020 وحتى نهاية عام 2023، بدءًا بانتشار جائحة كورونا وما نتج عنها من إغلاق حدود الدول وتوقف حركة الطيران والسياحة والتجارة العالمية، مرورًا باندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية أوائل عام 2022 والتي ألقت بظلالها على سلاسل الإمداد والتوريد للسلع الأساسية خاصة الطاقة والغذاء، انتهاءً عند حرب غزة في أكتوبر 2023، مشيرةً إلى أن كل هذه العوامل أضرت بالنشاط الاقتصادي العالمي وأبطأت معدلات نموه، وزادت من ضبابية الآفاق المستقبلية.

وبطبيعة الحال، تأثرت مصر جراء توالي الأزمات العالمية بسبب العولمة الاقتصادية والانفتاح التجاري على العالم، وذلك بعدما حقق الاقتصاد المصري أعلى معدلات نموه خلال العام المالي 2021/2022، وحصد إشادة دولية من المؤسسات العالمية بشأن التصدي للأزمات.

 وأشارت " بسنت " إلى أن تلك الأزمات انعكست سلبًا على الاحتياطى النقدي، الذى تباطئ نموه خلال عام 2023 بعدما سجل تراجعًا ملحوظًا خلال عام 2022 ليسجل نحو 35.1 مليار دولار، وذلك بالمقارنة مع أعلى مستوياته المسجلة على الإطلاق قبل أزمة جائحة كورونا عند 45 مليار دولار.

 ومن الطبيعى أن تنعكس قفزات الدولار على معدلات التضخم، حيث أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري أن التضخم الأساسي وصل إلى 38.1% في أكتوبر مقارنة مع 39.7% في سبتمبر،

ولا يقتصر الأمر على التضخم الداخلى ولكن أيضًا هناك ما يعرف بالتضخم المستورد، وهو ما عرفته الورقة البحثية بأنه ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بوتيرة مستمرة منذ بداية عام 2023، حيث يعتمد الاقتصاد المصري على الخارج في تأمين احتياجاته من السلع الغذائية.

وفى ظل هذه الأجواء المتوترة والحروب المشتعلة بالقرب من المناطق والمدن السياحية بل وعلى حدود بعضها خاصًة سيناء، من المنطقى أيضًا أن يتأثر قطاع السياحة سلباً، حيث تراجع عدد السياح في مصر بنحو 5% عن المستهدف خلال أكتوبر، وهو أول شهر من التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث بلغ أعداد السائحين في شهر أكتوبر نحو 1.33 مليون سائح مقارنة بالتوقعات التي أشارت إلى وصول نحو 1.4 مليون سائح.

وفى هذا السياق كانت وكالة “استاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني قد توقعت تأثر اقتصاد مصر بتداعيات الحرب بين إسرائيل وغزة، ورجّحت الوكالة أن يؤدي النزاع الراهن إلى تراجع عدد السياح في مصر، مما قد يمارس ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد المصري.

 

كيف تتحول المحنة إلى منحة ونجنى ثمار إيجابية رغم الأزمات ؟!!

 

قائمة الفرص المتاحة من الغاز المسال والكهرباء  إلى قناة السويس

 

كما أشرنا يجعل الله مع كل عسر يسرا، ومع كل أيام عصيبة نجاحات محققة، ومثلما استطاعت مصر أن تستفيد من جائحة كورونا وتتحدى التغيرات المناخية لتفعل تجربة الصوب الزراعية وترفع صادراتها من الخضر والفاكهة إلى العالم، ها هى تستفيد من الحرب الروسية الأوكرانية وتوقع اتفاقيات مع روسيا للتبادل التجارى بالعملات المحلية " الجنيه مقابل الروبيل" لتخفيف الضغط على الدولار.

وعلى ذكر روسيا واتجاه أمريكا وأوروبا إلى فرض العقوبات عليها ومقاطعة انتاجها من الغاز الطبيعى أصبحت الفرصة سانحة لمصر لتصدير إنتاجها من الغاز الطبيعى المسال بالإضافة إلى تسييل وتصدير الغاز المنتج من حقول البحر المتوسط بأكمله، فى ظل توقيع اتفاقيات وتحالفات مع دول شرق المتوسط، ولا يقتصر الأمر على الغاز الطبيعى بل تتصاعد أهمية الكهرباء فى ظل التوجه إلى الطاقة النظيفة صديقة البيئة، وبفضل محطات الكهرباء المصرية يتعزز دور مصر كشريك استراتيجى للقارة الأوروبية لبيع الفائض من الكهرباء، وبالفعل وقعت الشركة المصرية لنقل الكهرباء مع شركة " جان دى نال" البلجيكية أواخر عام 2023 مذكرة تفاهم لتصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر خط بحرى.

وعلى خلفية تعزيز دور مصر كمركز إقليمى للطاقة يتعاظم دور قناة السويس، حيث ساهم ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة فى زيادة الميزة التنافسية للقناة التى توفر الوقت والتكلفة مقارنةً بطريق رأس الرجاء الصالح، ومن ثم ارتفعت إيرادات القناة بنحو 34%  لتسجل 9.4 مليارادات دولار خلال العام المنقضى مقارنة بـ7 مليارات دولار فقط فى العام الذى سبقه، كما شهدت حركة الملاحة زيادة فى أعداد السفن العابرة بنسبة 55.1% لتصل إلى 25.9 ألف سفينة وهو الأعلى فى تاريخ القناة.

 

خطوات واقعية ليشعر رجل الشارع بما تحقق من نجاحات

 

-           تشمل زيادة الحد الأدنى للأجور وعلاوة الغلاء والمعاشات وتوسيع مظلة "تكافل وكرامة"

 

-           مطلوب استمرار مبادرة تخفيض الأسعار  بعد الانتخابات وحتى حلول شهر رمضان

 

مع كل حديث عن إنجازات تتحقق أو قفزات فى أرقام ومعدلات النمو والإيرادات، تخرج علينا آراء تؤكد أن رجل الشارع العادى أو المواطن البسيط " أبو العيال" المنتمى للطبقات الفقيرة لا يشعر بهذا التحسن بل يزداد الفقراء فقرًا ليصبح السؤال المتكرر هو ماذا قدم نظام الرئيس السيسى لمحدودى الدخل وماهى الخطوات التى تم إتخاذها على الأرض ليتم مواصلتها والبناء عليها خلال فترة رئاسته الجديدة.

وأوردت الباحثة فى سياق دراستها بعض هذه الجهود وفى مقدمتها قرارات منتصف سبتمبر من العام المنصرم، والتى كان الرئيس شخصيًا قد أعلن عنها فى الخطاب الذى ألقاه خلال زيارته لمحافظة بنى سويف، تلك القرارات تشمل زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لتصبح 600 جنيه بدلًا من 300 جنيه لكافة العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال، بالإضافة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور ليصبح 4 آلاف جنيه بدلًا من 3500 لكافة العاملين بنفس القطاعات أيضًا، فى مقابل رفع حد الإعفاء الضريبى بنسبة 25% من 36 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه.

ومن موظفى الحكومة المهددين بالنزول من الطبقة الوسطى للطبقة الفقيرة إلى من هم فقراء بالفعل، وهؤلاء لابد من توسيع مظلة شبكات الحماية الاجتماعية التى تستهدفهم، وبالفعل تضمنت القرارات نفسها زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برنامج " تكافل وكرامة" بنسبة 15% لأصحاب المعاشات وبإجمالى 5 ملايين أسرة.

وفى سياق متصل قام البنك الزراعى المصرى بإطلاق مبادرة للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين من المتعثرين، حيث تم إعفاءهم من سداد فوائد وغرامات تأخير الأقساط المستحقة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.

ومن سبتمبر إلى أكتوبر، وتحديدًا  في 15 أكتوبر 2023، وافق مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتقرير زيادة في علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية والعاملين بالدولة غير المخاطبين به، وبتقرير زيادة في المنحة الاستثنائية للعاملين بشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، المقررة بموجب القانون رقم 166 لسنة 2022 ومنح أصحاب المعاشات أو المستحقين عنهم منحة استثنائية.

وتبقى مشكلة الغلاء وارتفاع أسعار السلع خاصة الغذائية معضلة تواجه النظام والحكومة، ومن ثم أطلق مجلس الوزراء مبادرة خفض الأسعار حيث تم التوافق على خفض أسعار 7 سلع أساسية بنسب تتراوح من 15% إلى 25%، لتشمل القائمة: السكر – الزيت- العدس- الفول- الألبان – الجبن- المكرونة، بالإضافة إلى الدواجن والبيض بهدف تخفيف العبء المالي على المواطنين ودعم الاقتصاد الوطني، وذلك على الرغم من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، وبالرغم من شعور المواطن بتراجع نسبى فى أسعار بعض هذه السلع، ولكن لابد من إحكام الرقابة على الأسواق لمواجهة جشع التجار وتفعيل التسعيرة على أرض الواقع، فى ظل مخاوف المواطنين من عودة موجات الغلاء بعد الانتخابات الرئاسية ومع قرب حلول شهر رمضان قبيل انتهاء الربع الأول من العام الجديد.

 

 

-           خطط مستقبلية لتعزيز آداء الاقتصاد وتعزيز قدرة المواطن

 

 

-           تعتمد على توطين الصناعات ومبادلة الديون وإحلال القطاع الخاص محل الحكومة

 

رجحت الدراسة أن تستكمل الإدارة المصرية جهودها الرامية لتعزيز أداء الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرة المواطن الشرائية خلال الفترة الرئاسية المقبلة، وذلك من خلال استكمال جهود توطين الصناعة المصرية، وتنويع مصادر الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وإجراء اتفاقيات مبادلة الديون مع الدول الأخرى، وزيادة حجم التبادل التجاري مع الدول المجاورة.

إلى جانب زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وتخارج الدولة تدريجيًا من النشاط الاقتصادي بالاعتماد على وثيقة ملكية الدولة، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع استمرار مبادرات الحماية الاجتماعية.


مقالات مشتركة