جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2023-12-29T10:10:42+02:00

الإقالة وحدها لا تكفى .. متى تحاكم حكومة «تجويع» المصريين؟!!

محمد طرابيه

فى 18 من شهر ديسمبر الحالى، أسدل الستار على ماراثون الانتخابات الرئاسية والتى انتهت بفوز كاسح للرئيس عبد الفتاح السيسى على منافسيه فريد زهران وعبد السند يمامه وحازم عمر.

 

ومن بين التساؤلات التى تدور فى أذهان الكثير من الناس: وماذا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية؟ وهل هناك مواد فى الدستور تنص على إقالة أو استقالة الحكومة ممثلة فى الوزراء والمحافظين أم أن هذا الأمر يخضع لرغبة وإرادة رئيس الجمهورية.

 

وللإجابة عن التساؤلات الخاصة بإقالة أو استقالة الحكومة نشير الى أن الدستور المصرى الصادر فى 2014 نص فى مادتيه 146 و147 على طريقه اختيار وتشكيل الحكومة.

 

حيث تنص المادة 146 على أن: «يختار رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، ويكلفه بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجها على مجلس الشعب خلال ثلاثين يوما على الأكثر، فإذا لم تحصل على الثقة يكلف رئيس الجمهورية رئيسا آخر لمجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس الشعب، فإذا لم تحصل حكومته على الثقة خلال مدة مماثلة، يختار مجلس الشعب رئيسا لمجلس الوزراء».

 

أما المادة 147 فتنص على أنه: «لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية اجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس».

 

فى هذا السياق أكد خبراء وأساتذة القانون الدستورى أنه لا يوجد نص يلزم رئيس الحكومة على تقديم استقالته لرئيس الجمهوريه عقب انتهاء الانتخابات الرئاسيه كما أن الدستور الزم رئيس الجمهوريه فى حالة قيامه باقالة الحكومة بالكشف عن أسباب قيامه باتخاذ هذا القرار أما بالنسبة للمحافظين فاستقالتهم اجبارية وفقا للدستور بعد إعادة أو انتخاب رئيس الجمهورية.

 

وبعيدا عن نصوص الدستور أو رغبة الرئيس فى إقالة أو إستقالة الحكومة نشير الى أن أغلبية المصريين تطالب وتتمنى إقالة الحكومة ويعتبرون أنها بمثابة (فريضة شعبية).

 

تلك الحكومة التى يترأسها الدكتور مصطفى مدبولى منذ سنوات وحتى الآن أدت سياساتها إلى سوء حالة معيشة المواطن المصرى وانهيارها الى أدنى مستوى ممكن بسبب ارتفاع الأسعار والخدمات الحكومية المقدمة للمواطن بشكل غير مسبوق.

 

هذه الحكومة التى يتحدث وزرائها والاعلام الناطق بلسانها عن تحقيق ما يسمونه بالاصلاح الاقتصادى، للأسف لم يشعر به المواطن فى أى وقت من الأوقات وهو ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسى عقب إعلان فوزه بانتخابات الرئاسة الأخيره للتأكيد على أن المواطن هو البطل وهو من تحمل أثار وتبعات الإصلاح الاقتصادى.

 

لذلك فإننا نتمنى أن تشهد مصر خلال السنوات القادمة تحقيق إنجازات يلمسها المواطن بالفعل على أرض الواقع وليس من خلال مانشيتات الصحف الحكومية وقنوات الإعلام الموالى لها لأنه لا يمكن أن نكرر الاحاديث المملة والمكررة حول الإصلاح الاقتصادى دون أن يكون له انعكاس وآثار فعلية على أرض الواقع.

 

يبقى السؤال الاهم فى هذا الملف هل يوجد قانون لمحاكمة الوزراء فى مصر؟!!

 

الحقيقه اننى بحكم عملى كمحرر برلمانى منذ عام 2001 وحتى الآن تابعت العديد من الاجتماعات التى كانت قد عقدتها لجان مجلس الشعب سابقاً «مجلس النواب حالياً» فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسنى مبارك لإصدار قانون لمحاكمة الوزراء ولكنها لم تنته الى شيء وتم إغلاق هذا الملف.

 

المفاجأة الكبرى التى نكشف عنها ولا يعلمها الكثيرون أن قانون محاكمة الوزراء لا يزال ساريا حتى الآن ولم يتم الغاؤه حتى الآن.

 

هذه المفاجأة كان قد فجرها المستشار عبدالغفار سليمان، رئيس هيئة النيابة الإدارية السابق، والذى أكد سريان قانون محاكمة الوزراء منذ عام 1977، وقال: «البرلمان السابق أخطأ حين تعامل مع هذا القانون باعتباره غير سار، بسبب نص تشكيله الذى يضم فى هيئة المحكمة 6 من أعضاء البرلمان و3 من مستشارى محكمة النقض المصرية، و3 من أعضاء محكمة التمييز السورية».

 

وأضاف «سليمان»: «بعد الانفصال بين مصر وسوريا أصدرت المحكمة العليا، التى تم تغيير اسمها إلى المحكمة الدستورية العليا، حكماً فى القضية رقم 1 لسنة 8 قضائية بسريان قانون محاكمة الوزراء الصادر سنة 1958».

 

وهو الأمر الذى أكده أيضاً الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء السابق، حيث كشف أن المحكمة العليا قضت وقتها بأن يحل ثلاثة قضاة مصريين محل القضاة السوريين.

 

أردت الكشف عن حقيقة سريان قانون محاكمة الوزراء للتأكيد على أنه فى حال وجود رغبة فى محاكمة الوزراء فإن القانون موجود بالفعل وليست هناك حاجة لإصدار قانون جديد قد يستغرق إقراره فى صورته النهائية سنوات طويلة.

 

وبالإضافة لما سبق نقول:

 

إن مطالبتنا بمحاكمة ومحاسبة الحكومة تأتى إنطلاقاً من التصريحات التى سبق أن أدلى بها الرئيس السيسى وقال فيها حرفياً: «أنه لا أحد فوق المحاسبة والقانون بداية من رئيس الجمهورية حتى أصغر مسئول دون استثناء، وأنه مستعد للمحاسبة، و أى شخص يخطئ يحاسب بالقانون وأن الدولة جادة ومصرة على النجاح فى مكافحة الفساد حتى تصل إلى المعدلات العالمية فى وقت قصير جدا».

 

كما أننا نتذكر جميعا كلمات الرئيس التى أكد فيها أنه: سيتم محاسبة أى متجاوز فى جميع مؤسسات و هيئات الدولة.. وأى مجاملة فساد.

 

وبعيداً عن نصوص الدستور والقانون نستعرض فى السطور القادمة بعضاً مما فعلته تلك الحكومة فى الشعب وحياة المواطن المصرى.

 

تلك الحكومة التى صدعتنا كثيرا بالحديث عن قرارات ترشيد الانفاق لا تزال تعقد اجتماعاتها فى مقراتها المكيفة فى العاصمة الادارية الجديده شتاء والعلمين الجديدة فى الصيف.

 

 كما أن مواكب الوزراء لا تزال كما كانت عليه منذ سنوات وتتكلف المليارات من الجنيهات سنوياً، و هذه الحكومه لا تزال تتستر على المجاملات والمحسوبيات التى تتم داخل الوزارات والجهات الحكوميه المختلفه وترفض الكشف عن الحد الأقصى لمرتبات كبار المسئولين فى الدولة الذين يخالفون القانون الذى حدد مبلغ 42 ألف جنيه شهرياً كحد أقصى رغم مطالبات مجلس النواب للحكومة بالرد على هذا الأمر مراراً وتكراراً.

 

من ناحية أخرى، لو أخذنا قضية على سبيل المثال من القضايا التى تدعى الحكومه أنها أحدثت فيها تطورا كبيرا قضيه تطوير التعليم الثانوى.

 

والواقع يؤكد أن ما تتحدث عنه الحكومة أو وزرائها سواء فى عهد طارق شوقى وزير التعليم الأسبق أو رضا حجازى الوزير الحالى يكشف أن التصريحات لا علاقه بينها وبين الواقع الفعلى، فلم يحدث أى تطوير فى التعليم الثانوى والدليل على ذلك اننا لا نزال عاجزين عن اجراء إمتحانات الكترونية للثانويه العامه رغم اننا أنفقنا عشرات المليارات من الجنيهات على تجهيزات الشبكات وشراء أجهزة التابلت والسبورات الإليكتررنية ( التى يتم تعليقها فى الفصول ويتم وضع اطار عليها وقفلها بأقفال حتى لا يقوم الطلاب بتكسيرها وهو الأمر الذى أكده لى شخصياً مدير ادارة سابق تمت ترقيته لمنصب وكيل وزارة حالى ) علاوة على ما يسمى بتأهيل وتدريب المعلمين على تدريس مناهج لم يتم تعديلها منذ سنوات وحتى الآن !!!

 

ويؤسفنى القول إن سياسات هذه الحكومة أدت الى ما يمكن أن نسميه بـ«مرمطة المصريين» وأعادت من جديد ظاهرة «طوابير العيش والسكر والزيت.. الخ».

 

ولمن لا يعلم عليه الذهاب الى القرى ليجد أن كثيراً من السيدات والرجال كبار السن يذهبون الى الأفران للحصول على الخبز المدعم منذ منتصف الليل بدون أدنى مبالغة، وفى النهاية يحصلون على الخبز صغير الحجم وردىء الجودة، وكذلك الحال بالنسبة لطوابير الزيت والسكر عند البقالين ومنافذ بيع التموين.

 

 من ناحية أخرى، أدت سياسات هذه الحكومة الى تدمير صناعه الدواجن وزيادة أسعارها فى مصر عن طريق اتفاقها مع البنك المركزى المصرى على الزام المستوردين بسداد مستحقات الجمارك بالدولار الامريكى وهو وما عجز عنه معظم رجال الأعمال من أصحاب المزارع بسبب صعوبة تدبير الدولار مما أدى فى النهايه الى إنتهاء صلاحية الأعلاف المستوردة بسبب ركنها لعدة أشهر فى الموانىء المصرية، وهو ما ترتب عليه موت الكتاكيت جوعاً أو إعدامها فى الكثير من المزارع بالمحافظات بسبب نقص الأعلاف وهو ما أدى فى النهاية الى إغلاق الكثير من المزارع وتدمير صناعة تبلغ استثماراتها أكثر من 50 مليار جنيه ويعمل بها قرابة الأربعه ملايين مواطن مصرى بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

وحتى منظومة الشكاوى التى تقول الحكومه إنها تتلقى من خلالها شكاوى المواطنين من الجهات التابعه لها أو التى يتعاملون معها، وفى كل شهر نتابع لقاء وتصريحات د.مصطفى مدبولى رئيس الحكومة وطارق الرفاعى رئيس المنظومة ويقومون بالإعلان عن آلاف الاستجابات لمطالب المواطنين.

 

وفى هذا الشأن يؤسفنى القول اننى ليست لدى ثقة فى هذه الأرقام والدليل على ذلك أننى تلقيت اتصالات تليفونية خلال الأيام الماضية من احدى السيدات العاملات بقطاع القنوات الاقليمية التابع الهيئه الوطنية للإعلام وهى على المعاش وتطلب سرعة سداد مستحقاتها الخاصة عن مكافأة نهاية الخدمة المتأخرة منذ عام 2019 وحتى الآن بسبب ظروفها الخاصة ومعاناة أبنائها وتهدم بيتها.

 

 هذه السيدة لجأت الى منظومة الشكاوى للاستغاثة من تعنت وعدم استجابة قيادات الهيئة لمطلبها المشروع، وبعد عدة اتصالات مع موظفى المنظومة عبر الخط الساخن، فوجئت هذه السيدة بموظف منظومة الشكاوى يبلغها برد الهيئة بأنه قد تم صرف مستحقاتها بالفعل وهو الأمر الذى نفته السيدة جملة وتفصيلا.

 

(ملحوظة.. لدى تسجيل للاتصال بين هذه السيدة وموظف منظومة الشكاوى).

 

هذه الواقعة تكشف للاسف أن هناك بعض الجهات الحكومية والوزارات تقوم بتقديم بيانات ومعلومات غير صحيحة لمنظومة الشكاوى والمحصلة فى النهاية معاناة المواطنين بشكل أكبر وأكثر فى الوقت الذى تستمر فيه تصريحات السادة المسئولين والتى يعلنون فيها أرقام وانجازات لا تمت للواقع بأى صلة.

 

وفى النهاية أقول: هل يتم تحقيق حلم المصريين فى إقالة هذه الحكومة التى أدت الى تجويع وتعذيب المصريين لسنوات طويلة؟ وهل يتحقق حلم البسطاء فى أن يجدوا حكومة «تحنو عليهم» ليعيشوا بالفعل حياة كريمة بعد سنوات طويلة من الصبر والمعاناة.


مقالات مشتركة